حسين السهيلي *
تشكل المساعدات الإنسانية أهمية كبيرة للاقتصاد اليمني ، في ظل ظروف الحرب والأداء الضعيف للقطاع الحكومي تجاه احتياجات السكان ، وبالرغم من جوانب القصور التي شابت عملية الاستجابة الإنسانية منذ العام 2015م ، الا أنه لا يمكن أغفال التذكير بأن المنظمات الأممية والدولية والمحلية تعمل في ظروف بالغة التعقيد وتواجه صعوبة في الوصول إلى الفئات والمجتمعات الأشد حاجة للمساعدات ، بسبب اضطراب الأوضاع الأمنية وارتفاع نسبة المخاطر والعراقيل التي تواجه عمل هذه المنظمات عند مسح الاحتياجات ، والقيود ولإجراءات البيروقراطية الخاصة بالتراخيص للمشاريع والأنشطة ، وارتفاع تكاليف نقل وتأمين الواردات . حيث تتحمل شركات الشحن مبالغ تأمين ضد مخاطر الحرب تزيد 16 مرة عما لو كانت في أي بلد آخر، في ظل استيراد ما يقرب من 90 في المائة من المواد الغذائية عبر موانئ البلاد والتي لم تتم صيانتها بشكل جيد وتضررت بسبب الحرب، مع خضوع السفن لنظام التفتيش الحالي وتفريغ الحاويات من سفينة إلى أخرى وهذه الإجراءات وعلى سبيل المثال تجعل خمسين بالمائة من سعر تكلفة الكيلوغرام الواحد من القمح تأتي من تكاليف النقل. ورغم أهمية استمرار المساعدات الإنسانية في اليمن، للتخفيف من الأزمة الا أن اعتماد 14 مليون شخص على الإغاثة العاجلة يخلف مجتمع غير منتج ومنتظر للمعونة نهاية كل شهر ، لهذا فإن هناك إجماع على أن توطين العمل الإنساني في اليمن، وتحسين آليات الاستجابة الإنسانية هي اليوم ضرورة ملحة وذلك من أجل الربط بين الاستجابة الإنسانية والتنمية المستدامة، وتعزيز قدرات المنظمات المحلية وضمان استدامتها كشريك فاعل للحكومة والقطاع الخاص، وتمكين المجتمعات المحلية المتضررة من الحرب ، من ابتكار حلول إبداعية في الانتعاش والتعافي الاقتصادي ، واشراكها في إدارة الموارد المتاحة بطريقة شفافة وخاضعة للمساءلة .نقدر دور المنظمات الأممية والدولية العاملة في اليمن، وكلنا ثقة في تفاعلها مع مبادرة التوطين والوفاء بالتزاماتها أمام مجتمع المانحين الموقعة عليها في قمة العمل الإنساني عام 2016من أجل تحسين فعاليّة وكفاءة واستدامة العمل الإنساني، وتطوير شراكات فعالة مع المنظمات المحلية وتمكينها من قيادة الاستجابة الإنسانية. كما نثمن تفاعل المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي (سكمشا) مع المنظمات المحلية ورعايته للقاء الدوري الأول، ودعمه الصريح لمبادرة التوطين وبناء شراكة استراتيجية معها. ونتوجه بالشكر لوزارة التخطيط والتعاون الدولي في عدن على تفاعلها مع مساعي المنظمات المحلية في توطين العمل الإنساني، والذي سيتوج بإطار شراكة يضمن التنسيق والتكامل ويبني جسور الثقة والشفافية بين الطرفين بما يخفف من الأعباء على الجهات الحكومية في عموم البلد ويساند جهودها في توفير الخدمات وتحقيق التنمية المستدامة.وعلاوة على ذلك ينبغي للمنظمات المحلية أن تحدد أولوياتها، وتبلور رؤيتها المشتركة، وتتآزر فيما بينها، وتجهر بصوتها الجماعي في الدعوة إلى إقامة شراكات أكثر إنصافاً وعدلاً.
من حائط الكاتب على الفيس بوك
*رئيس مؤسسة تمدين شباب
منسق مبادرة #توطين_العمل_الانساني_في_اليمن